للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان قد أتى ذنبًا عظيمًا (١).

يقول الشيخ سليمان بن عبد الله -رَحِمَهُ اللهُ-: "أجمع العلماء على أن اليمين لا تكون إلا بالله أو بصفاته، وأجمعوا على المنع من الحلف بغيره" (٢).

وبناء على ما سبق فإن ما ذهب إليه ابن حجر من كراهة الحلف بغير الله متعقب بما يلي:

أ- أن ظاهر النصوص من الأحاديث والآثار الواردة في النهي عن الحلف بغير الله تدل على أن النهي فيها للتحريم، خاصة مع كونه الأصل في النواهي ما لم يأت صارف يصرفها عن ذلك، ولا صارف هنا عن التحريم، فبقي الأمر على الأصل (٣).

ب- أن الحلف بغير الله يتضمن مضاهاة غير الله بالله، فإن العلماء متفقون على أن الحكمة من النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، وأن العظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده (٤)، وإذا كان الأمر كذلك فلا يصح أن يقال بكراهة الحلف بغير الله، بل القول الصحيح تحريم ذلك.

جـ- أن ابن حجر قرر أن الحالف بغير الله إذا اعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله كفر كفرًا أكبر مخرجًا من الملة، وكان حلفه كذلك؛ وعليه فيمكن القول بأن الحلف بغير الله إذا كان محتملًا لهذا الاعتقاد الباطل، فكيف يقال فيما هو مضاه له وشيبه به ووسيلة إليه إنه مكروه كراهة تنزيه، فإن الشرع قد جاء بتحريم كل قول أو فعل يوقع في الشرك أو يكون سببًا له، والوسائل لها أحكام المقاصد.


(١) انظر: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (١/ ٣٧)، تيسير العزيز الحميد (ص ٥٩٣)، فتح المجيد (٢/ ٦٩١)، النبذة الشريفة النفيسة للشيخ حمد بن معمر (ص ٦٠ - ٦١)، القول المفيد لابن عثيمين (٣/ ٢١٩).
(٢) تيسير العزيز الحميد (ص ٥٩٠)، وانظر: التمهيد (١٤/ ٣٦٦، ٣٦٧)، والفتاوى (١/ ٢٩٠، ٣٣٥)، والاستغاثة لشيخ الإسلام (١/ ٣٦٤، ٣٦٥).
(٣) انظر: منهاج التأسيس للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن (ص ١٠٥) (ص ٣٠٦).
(٤) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي (١/ ١٦٨) (١١/ ١٠٥)، فتح الباري (١١/ ٥٣١).

<<  <   >  >>