للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-: "الحلف بالمخلوقات حرام عند الجمهور وهو مذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد، وقد حكى إجماع الصحابة على ذلك، وقيل: هي مكروهة كراهة تنزيه، والأول أصح قال عبد الله بن مسعود: "لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إليّ من أن أحلف بغير الله صادقًا" (١)؛ لأن الحلف بغير الله شرك، والشرك أعظم من الكذب" (٢).

وأما ما قرره ابن حجر من كون النهي عن الحلف بغير الله عامًا يشمل كل محلوف به سواه سبحانه ومنه الحلف بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مما وافق فيه عامة أهل العلم من السلف والخلف (٣).

يقول شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللهُ-: "الصواب الذي عليه عامة علماء المسلمين سلفهم وخلفهم، أنه لا يحلف بمخلوق ولا نبي ولا غير نبي ولا ملك من الملائكة، ولا ملك من الملوك، ولا شيخ من الشيوخ، والنهي عن ذلك نهي تحريم عند أكثرهم كمذهب أبي حنيفة وغيره وهو أحد القولين في مذهب أحمد" (٤).

وأما قول ابن حجر عن الحلف بغير ملة الإسلام كقول بعض المجازفين أنا يهودي أو نصراني إن فعلت كذا بأنه محرم وكبيرة عظيمة يجب التوبة منها والإقلاع عنها فهو محل إجماع أهل العلم من المذاهب


(١) أخرجه عبد الرزاق (٨/ ٤٦٩) برقم (١٥٩٢٩)، والطبراني في الكبير (٩/ ١٨٣) برقم (٨٩٠٢) من طريق مسعد بن كدام، عن وبرة بن عبد الرحمن قال: قال ابن مسعود ... فذكره.
قال الهيثمي في المجمع (٤/ ١٧٧): "رواته رواة الصحيح".
وأخرجه ابن أبي شيبة (ص ١٨ - ١٩ في الجزء المفقود من المصنف) عن وكيع بن مسفر، عن عبد الملك بن ميسرة، عن أبي وبرة عن ابن مسعود -رضي الله عنه- به.
والأثر صححه الألباني في إرواء الغليل (٨/ ١٩١).
(٢) الفتاوى (١/ ٢٠٤).
(٣) انظر: تفسير القرطبي (٦/ ٢٧٠ - ٢٧١)، وأضواء البيان للشنقيطي (٢/ ١٢٣).
(٤) الفتاوى (٢٧/ ٣٤٩).

<<  <   >  >>