للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقهية المشهورة (١).

يقول العلامة النووي -رَحِمَهُ اللهُ-: "يحرم أن يقول إن فعلت كذا أنا يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام ونحو ذلك، فإن قاله وأراد حقيقة تعليق خروجه عن الإسلام بذلك صار كافرًا في الحال وجرت عليه أحكام المرتدين، وإن لم يرد ذلك لم يكفر لكن ارتكب محرمًا فيجب عليه التوبة ... ويقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله" (٢).

٢ - سب الدهر:

يرى ابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ- النهي عن سب الدهر، وأن حكمه يختلف باختلاف حال الساب، حيث عده من الكبائر فقال في تعداده لها: "سب الدهر من عالم ... " (٣) يعني بالنهي الوارد عن ذلك.

ثم أورد الأحاديث الدالة على النهي عن سب الدهر، وأعقبها بقوله: "عدّ هذا هو ظاهر الأحاديث ببادئ الرأي لا سيما قوله تعالى: "ويشتمني عبدي" (٤)، فعد تعالى سب الدهر شتمًا له أي: يؤدي إليه وهو كفر، وما أدى إلى الكفر أدنى مراتبه أن يكون كبيرة، لكن كلام أئمتنا يأبى ذلك ويصرح بأن ذلك مكروه لا حرام فضلًا عن كونه كبيرة.

والذي يتجه في ذلك التفصيل وهو أن من سب الدهر:

إن أراد به الزمن فلا كلام في الكراهة.


(١) انظر: بدائع الصنائع (٣/ ٨)، حاشية ابن عابدين (٣/ ٥٥)، الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ٢٦٣)، المقدمات الممهدات (٢/ ٣١)، نهاية المحتاج (٨/ ١٦٩)، الإنصاف للمرداوي (١١/ ٣١، ٣٣)، زاد المعاد لابن القيم (٢/ ٤٧٠).
(٢) الأذكار (ص ٣١٩).
(٣) الزواجر (١/ ١١٣).
(٤) يشير إلى الحديث القدسي: "استقرضت عبدي فلم يقرضني، وشتمني عبدي وهو لا يدري، يقول: وا دهراه وا دهراه وأنا الدهر".
والحديث أخرجه أحمد (١٦/ ٣٤٠) برقم (١٠٥٧٨)، وابن خزيمة (٤/ ١١٣) برقم (٢٤٧٩)، والحاكم (١/ ٤١٨)، من طرق عن يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ولم يتعقبه الذهبي بشيء.

<<  <   >  >>