للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو الله تعالى فلا كلام في الكفر.

وإن أطلق فهذا محل التردد لاحتماله الكفر وغيره، وظاهر كلام أئمتنا الكراهة هنا أيضًا لأن المتبادر منه الزمن وإطلاقه على الله تعالى بطريق التجوز" (١).

التقويم:

سب الدهر مما جاءت الأحاديث بالنهي عنه، وتكاثرت في التحذير منه، وهو مما ينافي التوحيد ويقدح فيه، لأنه في حقيقته سب لله تعالى إذ هو خالق الدهر والمتصرف فيه بما يشاء (٢).

يقول العلامة ابن القيم -رَحِمَهُ اللهُ- مبينًا مفاسد سب الدهر:

"في هذا ثلاث مفاسد عظيمة:

إحداها: سبه من ليس بأهل أن يسب فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله منقاد لأمره، مذلل لتسخيره، فسابه أولى بالذم والسب منه.

الثانية: أن سبه متضمن للشرك، فإنه إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع، وأنه مع ذلك ظالم قد ضر من لا يستحق الضرر، وأعطى من لا يستحق العطاء ... وهو عند شاتميه من أظلم الظلمة، وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سبه كثيرة جدًّا، وكثير من الجهال يصرح بلعنه وتقبيحه.

الثالثة: أن السب منهم إنما يقع على من فعل هذه الأفعال التي لو اتبع الحق فيها أهواءَهم لفسدت السماوات والأرض، وإذا وقعت أهواؤهم حمدوا الدهر وأثنوا عليه ... " (٣).

وعليه فسب الدهر إيذاء لله، وشعار لأهل الجاهلية يجب التنزه عنه والتحذير منه.


(١) الزواجر (١/ ١١٣)، وانظر: حاشية الإيضاح (ص ٥)، وتنبيه الأخيار (ل ١٥/ أ).
(٢) انظر: التمهيد لابن عبد البر (١٨/ ١٥٤ - ١٥٧)، شرح السنة للبغوي (١٢/ ٣٥٧) شرح صحيح مسلم للنووي (٣/ ١٥)، مجموع الفتاوى (٢/ ٤٩١ - ٤٩٥)، فتح الباري (٨/ ٥٧٥)، غذاء الألباب للسفاريني (٢/ ٥٥٩ - ٥٦٢)، تيسير العزيز الحميد (ص ٦٠٨ - ٦٠٩)، فتح المجيد (٢/ ٧٠٦ - ٧٠٨).
(٣) زاد المعاد (٢/ ٣٥٤ - ٣٥٥).

<<  <   >  >>