للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤخذ من قوله -صلى الله عليه وسلم- في هذه: "كلكم عبيد الله" الإيماء إلى علة كراهة عبدي وأمتي بأنه موهم وجود حقيقة العبودية والأمتِّية لغير الله، وهو كذب بل كفر صريح فنهى عن ذلك اللفظ الموهم لذلك، وإن كان غير مراد بخلاف الفتاتية والغلامية والجارية، لا يوهم ذلك الإيهام ولا قريبًا منه فلا يكره" (١).

التقويم:

قول السيد لعبده وأمته عبدي وأمتي من الألفاظ المنهي عنها وإن كانت تطلق لغة؛ لِمَا فيها من إيهام العبودية لغير الله، فالنهي عنها جاء تحقيقًا للتوحيد وبعدًا عن الشرك (٢).

والنهي عن قول السيد لعبده وأمته عبدي وأمتي نهي تنزيه لا تحريم باتفاق أهل العلم.

يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني شارحًا ترجمة البخاري في صحيحه: "باب كراهية التطاول على الرقيق، وقوله: عبدي وأمتي، وقول الله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (٣) [النور: ٣٢].

"قوله: عبدي أو أمتي، أي: وكراهية ذلك من غير تحريم، ولذلك استشهد للجواز بقوله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} وبغيرها من الآيات والأحاديث الدالة على الجواز، ثم أردفها بالحديث الوارد في النهي عن ذلك، واتفق العلماء على أن النهي الوارد في ذلك للتنزيه، حتى أهل الظاهر ... " (٤).

وعليه فما قرره ابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ- من كراهة تلفظ السيد بقوله عبدي وأمتي موافق لاتفاق أهل العلم.


(١) الفتاوى الحديثية (ص ١٨٥ - ١٨٦)، وانظر: تنبيه الأخيار (ل ١٩/ أ).
(٢) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي (١٥/ ٧)، والأذكار له (ص ٣٢٢)، زاد المعاد (٢/ ٤٧٠)، فتح الباري (٥/ ٢١١)، تيسير العزيز الحميد (ص ٦٥٥)، فتح المجيد (٢/ ٧٥٥)، القول المفيد لابن عثيمين (٣/ ٩٧ - ٩٨).
(٣) صحيح البخاري (٢/ ٧٦٧).
(٤) فتح الباري (٥/ ٢١١).

<<  <   >  >>