للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما السند ففيه علتان:

أ- جهالة مالك الدار حيث لم يُذكر فيه جرح ولا تعديل ولم يرو عنه إلا اثنان، وهذا يرفع عنه جهالة العين دون جهالة الحال، فيبقى على جهالته (١).

ب- جهالة الرجل الذي جاء إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما ما ذكره ابن حجر من كونه سمي في رواية أخرى، وأنه بلال بن الحارث المزني، فهذه الرواية رواها سيف بن عمر (٢)، وسيف تفرد بها وهو ضعيف بالاتفاق، بل متهم بالوضع والكذب (٣).

وأما المتن: فإن القصة منكرة؛ لمخالفتها ما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء في مثل هذه الحالات، ومخالفتها ما اشتهر وتواتر عن الصحابة والتابعين، إذ ما جاء عنهم أنهم كانوا يرجعون إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أو قبر غيره من الأموات عند نزول النوازل واشتداد القحط يستدفعونها بهم وبدعائهم وشفاعتهم، بل كانوا يرجعون إلى الله تعالى واستغفاره وعبادته (٤).

٢ - أن القصة لو صحت فلا حجة فيها، إذ من شرط حجية قول الصحابي وفعله عدم مخالفته للأدلة أو معارضته بقول أو فعل صحابي آخر، وكلاهما غير متحقق في فعل بلال بن الحارث على التسليم بصحته عنه (٥).


(١) انظر: ترجمته في الجرح والتعديل (٨/ ٢١٣)، والتاريخ الكبير (٧/ ٣٠٤)، وتهذيب التهذيب (٦/ ١٨٧).
(٢) نص على ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح (٢/ ٤٩٦) حيث قال: "روى سيف في الفتوح .. "، وبمراجعة كتاب الفتوح لسيف بن عمر لم أجد الرواية فلعلها في الجزء المفقود منه.
(٣) انظر: ترجمته في الجرح والتعديل (٤/ ٢٧٨)، والمجروحين لابن حبان (١/ ٣٤٥)، والكامل لابن عدي (٣/ ١٢٧١)، وميزان الاعتدال (٢/ ٢٥٥)، والمغني في الضعفاء للذهبي (١/ ٤٦٠) وتهذيب الكمال (١٢/ ٣٢٤).
(٤) انظر: التوسل للألباني (ص ١٣٢).
(٥) انظر: الصواعق المرسلة الشهابية لابن سحمان (ص ١٦٩)، والتوصل للرفاعي (ص ٢٥٦)، والتوسل للألباني (ص ١٣٠)، وتعليق الشيخ عبد العزيز بن باز على فتح الباري (٢/ ٤٩٥).

<<  <   >  >>