للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهُ اللهُ: "لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في هذا الحديث عائد إلى الله تعالى، فإنه مستفيض من طرق متعددة، عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك، ولكن لَمّا انتشرت الجهمية في المائة الثالثة، جعل طائفة الضمير فيه عائدًا إلى غير الله تعالى، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم، كأبي ثور (١)، وابن خزيمة، وأبي الشيخ الأصبهاني (٢)، وغيرهم ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة" (٣).

ومما يؤيد القول بان الضمير عائد إلى الله تعالى ما يلي:

١ - أن الحديث ورد بعدة ألفاظ تدل على هذا القول وتؤيده، منها:

أ- رواية: "خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعًا ... " (٤).

ب- رواية: "خلق الله آدم على صورة الرحمن" (٥).


= أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن للأنصاري، شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (٢/ ٣٩).
(١) هو إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي، أبو ثور البغدادي، ويكنى أيضًا أبا عبد الله، الإمام الحافظ المجتهد، صاحب الإمام الشافعي، وأحد الفقهاء المشهورين، توفي سنة ٢٤٠ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (١٢/ ٧٢).
(٢) هو عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيَّان، المعروف بأبي الشيخ، الإمام الحافظ، محدث أصبهان، من مؤلفاته: العظمة، والسنن، والفرائض، وغيرها، توفي سنة ٣٦٩ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (١٦/ ٢٧٦)، شذرات الذهب (٢/ ٩٣).
(٣) بيان تلبيس الجهمية، تحقيق اليحيى (٢/ ٣٩٦ - ٣٩٩).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الاستئذان، باب بدء السلام (٤/ ١٩٥٩) برقم (٦٢٢٧)، ومسلم، كتاب الجنة، باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم من أفئدة الطير (٤/ ٢١٨٣) برقم (٢٨٤١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- به.
(٥) أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (١/ ٢٦٨) برقم (٤٦٨)، وابن أبي عاصم في السنة (ص ٢٢٨) برقم (٥١٧)، وابن خزيمة في التوحيد (١/ ٨٥) برقم (٤١)، والآجري في الشريعة (٣/ ١١٥٢) برقم (٧٢٥)، والدارقطني في الصفات (ص ٥٦، ٦٤) برقم (٤٥، ٤٨)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٣١٩)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (٣/ ٤٢٣ - ٤٢٤) برقم ٧١٦)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٢/ ١٨) من طرق عن جرير، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- به. =

<<  <   >  >>