للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على عدم وقوعه (١)، ونازع في ذلك الرّازي وطائفة (٢)، فذهبوا إلى القول بوقوعه، وهو ظاهر البطلان.

وثانيهما: التّكليف بالممتنع لغيره وهو المأمور به الذي علم الله أنه لا يكون أو أخبر أنه لا يكون، وما لا يطاق للاشتغال بضدّه كالتّكليف بالقيام حال الجلوس، والتكليف بعموم التكاليف الشّرعيّة.

فهذا التّكليف به جائز عقلًا وواقع شرعًا بإجماع أهل العلم (٣)، والخلاف فيه إنّما هو من جهة تسميته تكليفًا بما لا يطاق.

فالأشاعرة ومن وافقهم قالوا بصحّة تسميته بذلك (٤).

وأهل السّنّة ومن وافقهم قالوا بعدم صحّة ذلك (٥).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ -: "تكليف ما لا يطاق ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: ما لا يطاق للعجز عنه، كتكليف الزَّمِن المشي، وتكليف الإنسان الطّيران ونحو ذلك، فهذا غير واقع في الشّريعة عند جماهير أهل السّنّة المثبتين للقدر ...

والثّاني: ما لا يطاق للاشتغال بضدّه، كاشتغال الكافر بالكفر، فإنّه هو الذي صدّه عن الإيمان، وكالقاعد في حال قعوده، فإنّ اشتغاله بالقعود يمنعه أن يكون قائمًا ... وتكليف الكافر الإيمان من هذا الباب.

ومثل هذا ليس بقبيح عقلًا عند أصدق العقلاء، بل العقلاء متّفقون


(١) انظر: المسودة (ص ٧١)، درء التعارض (١/ ٦٣)، مجموع الفتاوى (٨/ ٣٠١ - ٣٠٢).
(٢) انظر: معالم أصول الدين للرازي (ص ٨٥)، والإرشاد (ص ٢٠٤).
(٣) انظر: منهاج السنة (٣/ ١٠٤ - ١٠٥).
(٤) انظر: أصول الدين (ص ٢١٣)، الإرشاد (ص ٢٠٣)، القضاء والقدر للرازي (ص ٣٠٧)، المواقف (ص ٣٣٠ - ٣٣١)، شرح المقاصد (٤/ ٢٩٦).
(٥) انظر: الانتصار للعمراني (٢/ ٤٥٩)، مجموع الفتاوى (٨/ ٢٩٨ - ٣٠٢)، درء التعارض (١/ ٦٠)، شرح الطحاوية (٢/ ٦٥٣).

<<  <   >  >>