للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: فإنه يفعل فعلَ الشيطان؛ فإن الشيطان بعيدٌ من الخير والائتمار للسُّنَّة، من قولهم: نَوَى شَطُون؛ أي: بعيدة، ومنه سمي الشيطان؛ لبعده من رحمة اللَّه تعالى، فسماه شيطانًا؛ لاتصافه بوصفه؛ كما يقال: فلان الأسدُ؛ أي: يبطِشُ كبطشه وقُوَّته.

قلت: وقيل: إنه مأخوذ من شاطَ يَشِيطُ: إذا احترق، والأولُ أصح، وينبني عليه الصرفُ وتركُه، فيصرف على شطن؛ لأصالة النون، ولا يصرف على شاط؛ لزيادتها، واللَّه أعلم.

وقيل: المراد بالشيطان هنا: قرين الإنسان اللازم له؛ كما قال في الرواية الأخرى: "فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ" (١)، ويكون هذا في (٢) معنى قوله في الحديث الآخر: "فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَحُولُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا"، فيكون على هذا منع الإنسان الجوازَ بين يدي المصلي من أجل الشيطان اللازمِ له؛ لكونه خبيثًا نجسًا، ويكون اللَّه -تعالى- يمنعُه من التسلط (٣) على المشي أمام المصليِّ، وقطعِ صلاتِه إذا اجتهد العبدُ في الدنو من قبلته، وامتثلَ ما أمره به، ولم يجعل له سبيلًا إليه، بخلاف ما إذا لم يدنُ من السترة، واللَّه أعلم (٤).


(١) رواه مسلم (٥٠٦)، كتاب: الصلاة، باب: منع المار بين يدي المصلي، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٢) في "خ": "من".
(٣) في "خ": "النشاط".
(٤) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٢/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>