للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو عمر بن عبد البر: هذا لفظ جاء على وجه التغليظ والمبالغة (١).

وقال الباجي: يحتمل أن يكون بمعنى: فليلْعَنْه، فالمقاتلةُ بمعنى اللعنِ موجودةٌ، قال اللَّه تعالى {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: ١٠] (٢).

قلت: قول الباجي رحمه اللَّه: يحتمل أن يكون بمعنى فليلعنه إلى آخره ضعيفٌ جدًا؛ لوجوه:

الأول: أن الآية التي استشهد بها غيرُ ما في الحديث؛ لأن معنى قاتلَ غيرُ معنى قُتل قطعًا, ولو كان المعنى على ما ذكر، لقيل: قوتل الخراصون، فلا يلزم من ثبوت قَتَلَ بمعنى لَعَنَ ثبوتُ قاتلَ كذلك.

الوجه الثاني: إنَّا لا نعهد في الشريعة جنايةً رتب عليها اللعن زاجرًا، بل ثبت العكس في قصة مَنْ قيل فيه: لعنه اللَّه! ما أكثرَ ما يؤتَى به! فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَلْعَنْهُ"، الحديث (٣).

الثالث: لو أُمِر المصلِّي بلعن المارِّ، لم يخل أن يلعنه وهو (٤) في الصلاة، أو بعدَ فراغه منها، فلا يجوز الأولُ إجماعًا؛ لأنه متكلِّم في


(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٢٧٤). وانظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٢/ ٤٢٠).
(٢) انظر: "المنتقى" للباجي (٢/ ٢٧٦).
(٣) رواه البخاري (٦٣٩٨)، كتاب: الحدود، باب: ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة، من حديث عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-.
(٤) "وهو" زيادة من "ق".

<<  <  ج: ص:  >  >>