للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العَاصِي هَجَانِي، وَقَدْ عَلِمَ أَنِّي لَسْتُ بِشَاعِرٍ، فَالْعَنْهُ، وَاهْجُهُ عَدَدَ مَا هَجَانِي" (١)، فلعنه، وإن كان الإيمانُ والدينُ والإِسلامُ مآلَهُ، وانتصفَ بقوله: "عَدَدَ مَا هَجَاني"، ولم يزد؛ ليُعَلِّم العدل والإنصاف، وأضاف الهجو إلى اللَّه -تعالى- في باب الجزاء دون الابتداء بالوصف بذلك؛ كما يضاف إليه المكر والاستهزاء، والخديعة، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا (٢).

قلت: ولا فرق في غير المعينين بين أن يكون (٣) لهم ذمة، أو لا، بل ذلك مباح (٤) على الإطلاق؛ لجحدهم (٥) الحقَّ، وعداوتهم للدين.

قالوا: وكذلك كلُّ مَنْ جاهر بالمعاصي؛ كَشُرَّاب الخمر، وأَكَلَة الربا، والظَّلَمة، والسُّرَّاق، والمصوِّرين، والزُّناة، ومَنْ تشبه من النساء بالرجال، ومن الرجال بالنساء، إلى غير ذلك مما ورد في الحديث لعنُه.

قال بعض المتأخرين من أصحابنا: وليس لعنُ الكافر بطريق الزجر له عن الكفر، بل هو جزاءٌ على الكفر، وإظهارُ قبحِ كفره، كان الكافر ميتًا، أو مجنونًا.


(١) رواه الروياني في "مسنده" (٣٨٢)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٨/ ٣٨٥)، من حديث البراء بن عازب -رضي اللَّه عنهما-.
(٢) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٧٥).
(٣) في "ت": "تكون".
(٤) في "ت": "مبلغ".
(٥) في "ت": "بجحدهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>