للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الظاهرية القائلون بعدم انعقاد الصوم في السفر، فيحتجون بأن اللفظ عامٌّ، والعبرةُ بعموم (١) اللفظ لا بخصوص (٢) السبب، ولا دليلَ لهم في ذلك؛ فإنا نفرق بين دلالة السياق، والقرائنِ على (٣) تخصيص العام، و (٤) على مراد المتكلم، وبين مجردِ ورودِ العامِّ على سبب، ولا نُجريها مجرًى واحدًا؛ فإن مجردَ ورود العام على سبب (٥) لا يقتضي التخصيص به؛ كنزول قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] بسبب سرقة رداء صفوانَ؛ فإنه لا يقتضي التخصيصَ بالضرورة والإجماع، وأما السياق والقرائن، فإنها الدالة على مراد المتكلم من كلامه، وهي المرشدةُ إلى بيان المجمَلات، وتعيين المحتمَلات (٦)، وهاهنا قد دلنا على تخصيصِ مثلِ هذا الصائم الذي لَحِقَه من الجهد والمشقة ما لحقه، بنفي البِرِّ عن صومه والحالة هذه ما شوهد من قرائن أحواله ولا بد، فلا يلزم منه أخذُ الحديث على عمومه؛ أعني قولَه -عليه الصلاة والسلام-: "ليسَ من البر الصومُ في السفر"، لا سيما في حق من لا يتأثر بالصيام، ولا يجد له أدنى مشقة، أو مَنْ يكون الصومُ له


(١) في "ت": "لعموم".
(٢) في "ت": "لخصوص".
(٣) في "ت": "عن".
(٤) الواو ليست في "ت".
(٥) "ولا نجريها مجرًى واحدًا، فإن مجرد ورود العام على سبب" ليس في "ت".
(٦) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>