للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما قول مالك في "موطئه": لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه، ومن يُقتدى به، ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامُه حسنٌ، وقد رأيت بعضَ أهل العلم يصومُه، وأراه كان يتحرَّاه (١).

فقد قال الداوودي من أصحابنا: لم يبلغ مالكًا هذا الحديثُ، ولو بلغه، لم يخالفه.

قلت: وفي هذا عندي بُعد؛ لشهرة الحديث وانتشاره.

وقال ع (٢): أخذ بظاهر هذا الحديث الشافعيُّ، ولعل قول مالكٍ إليه يرجع؛ لأنه إنما قال: وصومُه حسنٌ، ومذهبُه معلومٌ في كراهة تخصيص يومٍ بالصوم، وهذا محتمل من معنى ما جاء في الحديث: "لَا تَخُصُّوهُ بِصِيَامٍ" عند بعضهم، وإنما حكى مالكٌ عَمَّن حكى صومَه، وظن أنه كان تحرَّاه، ولم يقل مالك: إني أرى هذا، و (٣) لا أحبه -أعني: تحريه-، فيحتمل (٤) أنه مذهبه.

قلت: وهذا أقربُ من التعسف، وظاهرُ قول مالك رحمه اللَّه أو نصُّه وقوةُ سياقه، يقتضي عدمَ كراهة صومِه منفردًا بلا إشكال.

قال: وقد أشار الباجي إلى أن مذهب مالك هذا يحتمل قولة له أخرى في صيام يوم الجمعة، فوافق الحديث.


(١) انظر: "الموطأ" (١/ ٣١١).
(٢) "ع" ليست في "ت".
(٣) في "ت": "أو".
(٤) في "خ": "ليحتمل".

<<  <  ج: ص:  >  >>