للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بنشاط وانشراح لها، والتذاذٍ بها، من غير ملل ولا سآمة، وهو نظيرُ الحاجِّ يومَ عرفة؛ فإن السنَّةَ له الفطرُ، وهذا تعليل يتبادر إلى الذهن جودتُه، وإذا تُؤُمِّل، ضَعُفَ، لزوال الكراهةِ بصيامِ يومٍ قبلَه أو بعدَه.

فإن قلتَ: إنه يحصل له بفضيلة الصوم القبليِّ أو البعديِّ ما ينجبر به ما عساه أن يقع في وظائف يوم الجمعة من فتور وتقصير.

قلتُ: هذا ضعيف أيضًا، لأن الجابر لذلك أعمُّ من كونه صومًا، أو ذِكْرًا، أو صدقة، أو غير ذلك، فلِمَ حصرتَه في الصيام دونَ غيره؟

ثم نقول لهذا القائل: ما تقول لو أَعتق المكلَّفُ رقبةً، أو تصدَّق بمال كثير، ونحو ذلك، ثم أفردَ يومَ الجمعة بالصيام، هل تنتفي الكراهة والحالة هذه، ويكون ذلك جابرًا كما قلت؟ فإن قال بزوال الكراهة، فقد خرق الإجماعَ فيما علمت، وإن قال: انتقض التعليل، فليختر قائلُ هذا التعليل أَيَّ الأمرين شاء.

وقيل: سببُ النهي: خوفُ المبالغة في تعظيمه بحيث يُفتتن به؛ كما افْتُتِنَ بيوم السبت، واعترض (١) هذا -أيضًا- بصلاة الجمعة وغيرِها مما هو مشهورٌ من وظائفها وتعظيمه.

وقيل: سببُ النهي: خوفُ اعتقاد وجوبه، واعترض -أيضًا- بصوم يوم الاثنين؛ فإنه يُندب صومُه، كما في الصحيح، ولا يلتفت إلى هذا الاحتمال البعيد، واعترض -أيضًا- بيوم عرفة، ويوم عاشوراء.


(١) في "ت": "ويعترض".

<<  <  ج: ص:  >  >>