للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لزومه، وليس فيه ما يدلُّ على نيةٍ في الإسلام، ولا إرادة ثَمَّ، ولو تنزلنا على أنه نواه، فلنا (١) أن نقول: بمجرد النية لا توجب اعتكافًا، ولا غيرَه من العبادات من غيرِ مقارنةِ فعلٍ لها، ألا ترى أنه لو نوى صلاة نافلة، أو صدقة، أو حجًا، أو عتقًا، أو غيرَ ذلك من القُرَب: أنه لا يلزمه شيء من ذلك بمجرد النية؟

وقد قال ابنُ بشير من أصحابنا: لم يختلف المذهبُ: أن العبادات لا تلزمُ (٢) إلا بالقول، أو بالنية والدخولِ فيها، وهو الشروعُ.

فقد علمت أن هذا الجواب ليس فيه تحصيل، فلا تشغلْ ذهنَك به لحظة (٣).

وقال ق: من يقول: إن الكافر لا تصح منه القُربة يحتاج إلى أن يؤوِّلَ الحديث بأنه أُمر بأن يأتي باعتكافِ يومٍ شبيهٍ بما نذرَ؛ لئلا يُخِلَّ بعبادة نوى فعلَها، فأطلق عليه أنه منذور، لشبهه بالمنذور، وقيامِه مقامَه في فعل ما نواه من الطاعة، وعلى هذا إنما يكون قوله -عليه الصلاة والسلام-: "أَوْفِ بنذرِكَ" من مجاز الحذف، أو من مجاز التشبيه، وظاهرُ الحديث خلافه (٤).


(١) في "ت": "قلنا".
(٢) في "ت": "لا يلزم".
(٣) في "ت": "يشتغل به ذهنك لحظة".
(٤) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>