للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن يُقتدى بهم، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلًا يوجب ظنَّ السوء بهم، وإن كان فيه مخلصٌ؛ لأن ذلك سببٌ إلى إبطال الانتفاع بعلمهم.

قلت: وقد بلغني عن بعض الفقهاء: أنه كان إذا وقع منه درهمٌ، أو دينار، أو غير ذلك، تركَه، ولم يأخذْه؛ خوفا أن يُتوهم أنه التقطه، وأنه يَستحلُّ مثلَ ذلك، فرحمه اللَّه، فلقد استبرأ لدينه وعِرْضه.

قال: وقد قالوا: إنه ينبغي للحاكم أن يبين الحكمَ للمحكوم عليه إذا خفيَ عنه، وهو من باب نفي التهمة بالنسبة إلى الجَوْر (١) في الحكم.

وفي الحديث: دليل على هجوم خواطر الشيطان على النفس، وما كان من ذلك غيرَ مقدور على دفعه، لا يؤاخذ به؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، ولقوله -عليه الصلاة والسلام- في الوسوسة بالذي يتعاظم الإنسان أن يتكلم به: "ذَلِكَ (٢) مَحْضُ الإِيمَانِ" (٣)، وقد فسروه بأن التعاظمَ لذلك محضُ الإيمان، لا الوسوسة، وكيفما كان، ففيه دليل على أن تلك الوسوسةَ لا يؤاخذَ بها، نعم، في الفرق بين الوسوسة التي لا يؤاخذ بها، وبين ما يوقع شكًا إشكالٌ (٤).


(١) في "خ": "الجواز".
(٢) في "ت": "ذاك".
(٣) رواه مسلم (١٣٣)، كتاب: الإيمان، باب: بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، من حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-.
(٤) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>