للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد استدلوا بهذا المعنى على إيجاب العمرة، وقالوا: إذا كان الحج قصدًا فيه تكرارٌ، فإن معناه لا يتحقق إلا بوجوب العمرة؛ لأن القصد في الحج إنما هو مرة واحدة لا يتكرر (١).

قلت: وهذا ضعيف، أو غلط؛ فإن التكرار يمكن (٢) في الحج، ولا يلزم أن يكون التكرار واجبًا، قال اللَّه تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: ١٢٥]؛ أي: يرجعون إليه، ويتقربون في كل عام، ولأن الحاج يكون ورودُه على البيت عندَ القدوم، وعندَ الإفاضة، وعندَ الوداع، وذلك غيرُ ما يُتنفل به من الطواف، فالتكرارُ حاصلٌ بلا إشكال.

ع: والحجُّ -أيضًا-: العمل، وقيل: الإتيانُ مرةً بعد أخرى (٣).

وهو في الشرع: عبارة عن أفعالٍ مخصوصة، في أماكنَ مخصوصة، في زمانٍ مخصوص.

إذا ثبت هذا، فقد وقع الإجماعُ على أن الحج أحدُ أركان الإسلام الخمسة، الذي من جحدَه كفرَ، وهو فرضٌ على كل مسلم، عاقلٍ، بالغٍ، صحيحٍ، مستطيعٍ، في العمر مرةً واحدة، ذكرًا كان أو أنثى، هذا مع الأمنِ على النفس والمال، وإن كانوا قد اختلفوا في صفة الاستطاعة (٤).


(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٢/ ١٤٣).
(٢) في "ت": "ممكن".
(٣) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ١٦٠).
(٤) انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (١/ ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>