للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: الأصلُ في الجواب المطابقةُ، والزيادةُ المفيدةُ عليها حسنةٌ، ومن ذلك قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (١٧) قَالَ هِيَ عَصَايَ} [طه: ١٧ - ١٨]، فهذا الجواب المطابق، ثم زاد قوله: {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} [طه: ١٨] الآيةَ، افتراضًا للخطاب، واستعذابًا للجواب، حتى لو أمكنه زيادةٌ، لزادَ، وكيف لا، وهو في مقامِ الاقتراب، مكالمٌ ربَّ الأرباب؟!

وكذلك قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤)} [الشعراء: ٢٣ - ٢٤]؛ فقوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} [الشعراء: ٢٤] جاء بعدَ المطابقة مما تقدم، فجاءت الزيادةُ عليها في أعلى مقامات البلاغة؛ لأن المعنى: إن كان يرجى منكم الإيقانُ الذي يؤدي إليه النظرُ الصحيح، نفعكم هذا الجوابُ، وإلَّا، لم ينفع، أو إن كنتم موقنين بشيء قط، فهذا أولى ما توقنون به؛ لظهوره، وإنارة دليله، وأشباهُ ذلك كثيرة.

فأما إن عريتِ الزيادةُ عن الفائدة، كانت عِيًّا ورَكاكةً، وذلك نحو قولك (١) في جواب مَنْ قال: من جاءك؟ -مثلًا-: جاءني زيد، وانطلق عمرٌو، وسافر بكرٌ، وليس غرض السائل إلا معرفة من جاءك لا غير، فمثلُ هذا يَمُجُّه السمعُ، وينفِرُ عنه (٢) الطبع.


(١) في "ت": "قوله".
(٢) في "ت": "منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>