للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما إن كان السائلُ لم يحرر السؤال، ولم يُحْسِنْه، فللمجيب تغييرُ سؤاله معنى، وإجابتُه بجواب صالح للسؤال الذي كان ينبغي الإتيانُ به؛ كما في هذا الحديث، فإن وَجْهَ السؤال فيه: يا رسول اللَّه! مالذي لا يلبسه المحرم؟، فإن ما لا يلبسه المحرمُ منحصرٌ، وما يلبسه غيرُ منحصر؛ إذ الأصلُ (١) الإباحةُ، فأجابه -عليه الصلاة والسلام- بما يناسب السؤالَ المحرَّرَ الذي كان حقُّه أن يأتي به، فقال: لا يلبسُ كذا، ولا يلبس كذا، حتى كأن السائل قال: يا رسول اللَّه! ما الذي لا يلبسه المحرم؟ فتنبهْ لهذه القاعدة، تجدْ لها في كلِّ ما يَرِدُ عليك من مثل هذا أعظمَ فائدة، وأجزلَ عائدة، وباللَّه التوفيق والعصمة (٢).


(١) في "ت": "الأصول".
(٢) جاء في هامش "ت": "أقول سأل بعض العلماء بعضًا عن هذا الحديث وما الحكمة في أن السائل، سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بحرف الإيجاب فأجابه بحرف السلب، وما يسمى هذا عند علماء البيان، فلم يأت بشيء، فذكرت ذلك لشيخي المرحوم عبد السلام البغدادي الحنفي تغمده اللَّه برحمته فأجاب في الحال: بما كتبته:
الحكمة في العدول عن الجواب بتعداد الملبوس، وذكره شيئًا فشيئًا؛ مخافة التكرير على السائل، والسآمة، وعدم الضبط لما يسمعه من المجيب الكامل العالم بمقامات الكلام ومقتضيات الأحوال مما تقتضيه صناعة البلاغة لدى فرسانها، ولما كان الأشياء التي تجتنب حالة الإحرام منضبطة بالنفي ذكرها متعاطفة؛ تسهيلًا على السائل ليحفظها، وهذا عندهم من خلاف المقتضى؛ تنبيهًا للسائل على أن الأولى بحاله واللائق به أن يسأل عما يجتنبه حالة الإحرام؛ إذ هو الأهم، ولا يخفى على أحد أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>