قلت: وهذا تفصيلٌ حسن لا نزاعَ فيه، وتحريرٌ لا شكَّ أن القواعد تقتضيه.
وقد ذكر الشافعية ضابطًا للمحْرَم، فقالوا: المحرَمُ الذي يجوز معه السفرُ والخلوةُ: كُلُّ مَنْ حَرُم نكاحُ المرأةِ عليه، لحرمتها على التأبيد بسبب مباح.
فقولهم: على التأبيد، احترازًا من أخت الزوجة، وعمتها، وخالتها.
وقولهم: بسبب مباح، احترازًا من أم الموطوءة بشُبْهَة، فإنها ليست محرمًا، فإن وطءَ الشُّبهة لا يوصف بالإباحة.
وقولهم: لحرمتها، احترازًا من الملَاعَنة؛ فإن تحريمها ليس لحرمتها، بل تغليظًا.
قلت: ولا أعلم ما يخالف ذلك عندنا، واللَّه أعلم.
تنبيه: قد تقدم أن الزوج يتنزلُ منزلةَ المحرَم عند الفقهاء في جوازِ السفرِ معه، وليس مذكورًا في هاتين الروايتين، وهو مذكور في رواية أخرى، فيُحتمل أن يكون مستندهم في إِلحاقه بالمحرم تلك الرواية، ويجوز أن تُستعمل لفظةُ الحرمة في إحدى الروايتين في غير معنى المَحْرمية استعمالًا لغويًا فيما يقتضي الاحترام، فيدخل فيه الزوج لفظًا، ويكون ذلك وجهَ العدول في إحدى الروايتين عن قوله:"ذِي مَحْرَمٍ" إلى قوله: "وَمَعَهَا حُرْمَةٌ"؛ لعموم هذه، وخصوص تلك، واللَّه الموفق (١).