للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه: حسنُ الأدبِ في مخاطبةِ الأكابر، لاسيما الملوك، لاسيما فيما يخالف مقصودَهم؛ لأن ذلك يكون أدعى لقبول الحقِ، لاسيما في حقِّ مَنْ يُعرف منه ارتكابُ غرضه، فإن الغِلْظَةَ عليه تكون سببًا لإثارَةِ نفسِه، ومعاندةِ مَنْ يُخاطبه.

وفائدة قوله: "أُحدثكَ قولًا قامَ به رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، سمعتْه أُذناي، ووعاه قلبي": التحققُ (١) لما سيخبر (٢) به، والنفيُ لوهم أن يكون بواسطة غيره دونَ مشافهة منه، وأن قلبه قد فهم ذلك، وتحققه، وثبت في تعقل معناه.

وقد يؤخذ من قوله: "ووعاه قلبي" دليلٌ لقول الجمهور: إن العقل محلُّه القلبُ، لا الدماغُ؛ إذ لم يقل: وعاه رأسي، ثم أكد ذلك بقوله: "وأبصرتْه عيناي حين تكلم به".

الثاني: قوله: "حَمِدَ اللَّه، وأثنى عليه" إلى قوله: "الناس": فيه: استحبابُ الحمدِ والثناء بين يَدَي تعليم العلم وتبيينِ الأحكام.

وقوله -عليه الصلاة والسلام-: "إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَها اللَّهُ، ولم يُحَرِّمها الناسُ": قيل: سُمِّيَتْ مكة، لأنها كانت تَمُكُّ مَنْ ظلم؛ أي: تستأصِلُه وتُهلكه.

وقال آخرون: إنما سميت مكة؛ لقلة مائها؛ لقولهم: امْتَكَّ


(١) في "ت": "التحقيق".
(٢) في "ت": "يستجيز".

<<  <  ج: ص:  >  >>