للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* ثم الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: قوله: "الجمرةَ الكبرى" يريد: جمرة العقبة.

قالوا: وهي حدُّ مِنَى من الغرب، وليست من مِنَى، وهي التي بايع النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الأنصارَ عندها على الإسلام والهجرة.

وانظر: لم سميت جمرةً هي وأختاها؟ وكأن ذلك -واللَّه أعلم- من حيث كانت تُرمى بالجمار، وهي الحصى، فكأنه من باب تسمية الشيء بلازمه؛ كالغائط، والراوِيَة، ويحتمل أن يكون لغير ذلك، واللَّه أعلم.

ع: وأجمع العلماء أن سُنَّةَ الحاجِّ أن يرمي جمرةَ العقبة يوم النحر، ثم يحلق بمنًى، ثم يطوف طواف الإفاضة (١).

قلت: واختلفوا في وجوبها وسُنِّيتها، فمشهورُ مذهبنا: أنها سُنَّةُ، والشاذُّ: أنها واجبة، وهو قولُ عبد الملك بنِ الماجشون من أصحابنا.

وحكى الطبري عن بعض الناس: أن الجمار إنما تُعمل حفظًا للتكبير، ولو ترك الرمي تاركٌ، وكَبَّرَ، أجزأه، ونحوه عن عائشة رضي اللَّه عنها (٢).

فائدة: جمرةُ العقبةِ تختصُّ عن غيرها بأربعةِ أشياء:

إحداها: أنها تُرمى قبل الزوال، ضحًى.

والثاني: أنها تُرمى من أسفلها استحبابًا، ويجزىء من أعلاها،


(١) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٣٨٩).
(٢) المرجع السابق، (٤/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>