للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليها، ولم يُرد الشارع إزهاءَ الجميع؛ لأن ذلك كان يؤدي إلى فساد الحائط، أو جُلِّه؛ لأنَّا لو لم نجوِّزْ بيعَه إلا بأن يعمَّ الصلاحُ الحائط كلَّه، لكان في ذلك ضرر عظيم، ومَشقَّة شديدة؛ إذ لا يكادُ يلحق (١) الآخرُ بالأول إلا بفساد الأول، وهذا حرجٌ عظيم ينافي وضعَ الشريعة السمحة؛ إذ لم يجعل اللَّه علينا في الدين مِنْ حَرَج، نعم، لو كان الذي أزهى باكورةً، لم يجز بيعُ متأخره معه، بل يباع المبكِّر (٢) وحدَه، وإنما منع أن يُباع معه؛ لاستقلال المتأخِّر بعدم الإزهاء، فهو داخلٌ تحت النهي.

قال الأبهري: ولأنه لا يؤمَن فيه الجائحة إذا بيع في هذا الوقت، فيكون بيعُه غررًا، وقد نهى -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الغَرَر، وهذا راجع لما ذكرناه من استقلاله عن المبكر بعدم (٣) الإزهاء، وكذلك لو كان في الحائط نوعان من النخل؛ صيفي وشتوي، لم يُبع أحدُهما بطيبِ الآخر، بل يُباع ما طابَ وحدَه، فإذا طاب الآخرُ، بيع -أيضًا- وحدَه؛ كما لا يجوز بيعُ ثمرة السنة الثانية مع الأولى.

تكميل (٤): لو لم يزه الحائطُ، وأزهى ما حوله من الحوائط، قال مالك: يجوزُ بيعه.

وقال ابن القاسم: أحبُّ إلي أن لا يبيعه حتى يزهي.


(١) "يلحق" ليس في "ت".
(٢) في "ت": "المكبر".
(٣) في "ت": "المبكر بعلم".
(٤) في "ت": "تذنيب".

<<  <  ج: ص:  >  >>