للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في "أعتق"، يعود على (مَنْ)، وعَوْدُ الضمير في صناعة العربية على المنطوقِ به أَوْلى من عودِه على المستتر.

الثاني: أن الضمير في (له) أقربُ إلى العبد من الضمير المستتر في (أعتق)، والعودُ إلى الأقرب عند التعارض أَوْلى.

الثالث: لو أعدنا الضمير في (له) على ضمير السَّيِّد المشتري في (أعتق)، لفسد المعنى، إذ يبقى التقديرُ: فمالُه للسيد إِلَّا أن يشترطه السيدُ، فيكون للسيد، وهذا لا شكَّ في فساده؛ كما ترى، ولأن الكتابة يملك بها مالَه، وهي سببُ العتق، فنفسُ العتق أولى، ولأن العبدَ إذا بيع غنيٌّ بسيده، فلا تُعوزه النفقةُ طعامًا وكسوة، فهذا لا ضررَ عليه في انتزاع السيدِ لمالِه، وإذا أُعتق، افتقرَ إلى الكسب لقيام أَوَدِه وسائرِ ضروراته، فنالسبَ أن لا يُنتزع مالُه من يده؛ إذ يؤدِّي ذلك إلى الضرر به غالبًا، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" (١).

واختلف أصحابُنا في الصَّدقة والهِبَة، أعني: إذا تصدَّقَ بعبده، أو وَهَبَه.

قيل: وإنما اختُلف فيهما؛ لأخذهما شبهًا من العتق الذي يتبع العبدَ فيه المالُ، وشبهًا من البيع (٢) الذي لا يتبعُه فيه، فالبيعُ: خروجٌ ملكٍ إلى ملكٍ بعوضٍ على جهة الاختيار، والعتقُ: خروجٌ من ملك


(١) رواه ابن ماجة (٢٣٤١)، كتاب: الأحكام، باب: من بنى في حقه ما يضر بجاره، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.
(٢) في "ت": "المبيع".

<<  <  ج: ص:  >  >>