للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يضمن، واللَّه أعلم (١).

قلت: وظاهرُ هذا الحديث أو نصُّه يقتضي اختصاصَ المنع بأن يكون الطعام مملوكًا بالبيع دونَ الهبة، والصدقةِ، والقرضِ، و (٢) نحو ذلك، ويقتضي -أيضًا- أن يكون الممنوع هو البيع قبلَ القبض، أما لو وهبه، أو تصدق به، أو رهنه، فلا يدل عليه لفظُ الحديث، فأما الإجارةُ فحكمُها حكمُ البيع؛ لأنها بيعُ منافعَ في الحقيقة، وكذلك النكاحُ؛ لأن المرأة مبتاعَة له بمنافع بُضعِها، وكذلك مَنْ ملك طعامًا بأَرْشِ جناية، أو مصالحة عن دم، أَو قضاء عن دين، فإنه لا يجوز له بيعُه قبل قبضه؛ لأن حقيقة البيع: انتقالُ الملكِ بعِوَضٍ، وقد وُجدت.

فأما القرض، فيجوز بيعُه قبلَ قبضه عندنا؛ لأن القرضَ ليسَ ببيعٍ، وكذلك مَنْ وُهِبَ له طعامٌ، أو تُصُدِّق به عليه؛ فإنه يجوز لهُ بيعُه قبلَ قبضه.

واختلفَ أصحابُ الشافعيِّ في الرهن والهبة قبلَ القبض، والأصحُّ عندهم: المنعُ، وكذلك اختلفوا في التزويج، وخالفونا -أيضًا- في جواز الشركة والتولية، فلم يجيزوهما (٣) قبلَ القبض، وحديث: "وأَرْخَصَ في التولية، والشَّرِكةِ، والإقالَةِ" (٤) دليلٌ لنا عليهم، واللَّه أعلم (٥).


(١) انظر: "المعلم" للمازري (٢/ ٢٥١) وما بعدها.
(٢) في "ت": "أو".
(٣) في "ت": "يجيزوها".
(٤) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٤٢٥٧)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٢١٣٢٧)، وأبو داود في "المراسيل" (١٩٨)، عن ابن المسيب مرسلًا بلفظ: "التولية والإقالة والشركة سواء لا بأس به".
(٥) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>