وأعدل، والأصوليون اختلفوا في الترجيح بكثرة الرواة، ولم يختلفوا في مزية العدالة.
ثم ولو تنزلنا على أن لا مزية في أحدهما، رأينا أن حديثنا ناسخ؛ لتأخره عن حديث طلق، ودليله أمران:
أحدهما: أن في بعض طرق حديث طلق قدمنا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤسس المسجد.
الثاني: أن أبا هريرة إنما روى بعد إسلامه، فإنه إنما يصغي إلى الرسول، ويحافظ
على ما سمعه منه (١) المؤمنون.
ثم ولو تنزلنا على التعارض، وعدم الترجيح، وعدم العلم بالتاريخ فيهما، فعلماؤنا متفقون على أنه لا يجب الوضوء من مسه على الإطلاق في كل الأحوال، بل لا بد من قيد سنذكره، فلا شك أنَّ ثمّ حالةً لا ينقض مسه فيها، فينزل حديث طلق على تلك الحال، وحديثنا على غيرها، فنكون قد أعملنا الخبرين في حالين، وهو أولى من تعطيل أحدهما بالكلية.
ثم ولو تنزلنا على التعارض في جميع الحالات، وتعذر الجمع على كل حال، فلنا أن نقول: من أصلنا إذا تحقق الإنسان أنه تطهر، ثم شك هل أحدث بعد الوضوء أم لا؟ أنه يجب عليه الوضوء في القول المشهور، فمن توضأ، ثم مس ذكره، قد شك؛ لتعارض الخبرين، هل انتقض وضوءه أم لا؟ فينبغي على ما ذكرناه: أن يجب