فعلى هذا يكون «فليصل» الخبر، لكن فيه بُعد من حيث إن (أيا) شرط صريح يقتضي الجواب، ولا جواب له هنا إلا الفاء، بخلاف الآيتين؛ فإنهما غير صريحتين في الشرط، فتعين الوجه الأول، وهو حذف الخبر، والله أعلم.
الثامن: هذا العموم؛ أعني: عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» مخصوص بما استثناه الشرع من المواضع التي تحرم الصلاة فيها؛ كالأماكن المغصوبة، ونحو ذلك، أو تكره؛ كالمزبلة، والمجزرة، وقارعة الطريق، وظهر بيت الله الحرام، والحمام؛ حيث لا يوقن منه بطهارة، ومقابر المشركين، وكنائسهم، وغير ذلك مما هو مبسوط في كتب الفقه.
التاسع: وجه اختصاصه - صلى الله عليه وسلم - بذلك: أن من كان قبلنا كانوا - على ما قيل - لا يصلون إلا فيما يتيقنون طهارته من الأرض، كالبيع، والكنائس، وخصصنا نحن بجواز الصلاة في جميع بقاع الأرض، إلا ما تيقنا نجاسته (١)، وما ذكر مع النجاسة آنفًا مما استثني.
العاشر: قد يؤخذ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل»: أنه لا يجوز التيمم إلا بعد دخول الوقت؛ كما هو مذهب الجمهور، وأنه يضعف قول من يقول: إن التيمم يرفع الحدث، وإن كان هو الذي يقوم عليه الدليل من غير هذا الحديث، كما تقدم تقريره.