للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بملك يوم الدين وهو الملك الحق المتضمن لظهور عدله وكبريائه وعظمته ووحدانيته وصدق رسله، سمَّى هذا الثناء مجدًا، فقال: مجَّدني عبدي، فإن التمجيد هو الثناء بصفات العظمة والجلال.

فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} انتظرَ جواب ربه له: هذا (١) بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، وتأملَ عبوديةَ هاتين الكلمتين وحقوقهما، وميَّز بين (٢) الكلمة التي لله والكلمة التي للعبد، وفَقِهَ سرّ كون إحداهما لله والأخرى للعبد، وميَّزَ بين التوحيد الذي تقتضيه كلمة "إياك نعبد" والتوحيد الذي تقتضيه كلمة "إياك نستعين"، وفَقِهَ سرَّ كون هاتين الكلمتين في وسط السورة بين نوعي الثناء قبلهما والدعاء بعدهما، وفَقِهَ تقديم "إياك نعبد" على "إياك نستعين"، وتقديم المعمول على الفعل (٣) مع أنَّ الإتيان به مؤخرًا أوجز وأخصر، وسر إعادة الضمير مرة بعد مرة، وعلمَ ما تدفع كل واحدة من الكلمتين من الآفة المنافية للعبودية، وكيف تُدخِله الكلمتان في صريح العبودية، [٥٣ أ] و (٤) كيف يدور القرآن من أوله إلى آخره على هاتين الكلمتين، بل كيف يدور (٥) عليهما الخلق والأمر والثواب والعقاب والدنيا والآخرة، وكيف


(١) ع، ك: "هذه".
(٢) "بين" ليست في الأصل.
(٣) في الأصل وك: "القول".
(٤) الأصل: "وعلم".
(٥) "يدور" ليست في ع.