للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا مَن ثَوى بين الجَوَانح والحشا ... منِّي وإن بعُدَت عليَّ دِيَارُه

عطفًا على قلبٍ بِحُبِّك هائِمٍ ... إن لم تَصِلْهُ تصَدَّعَتْ أعشارُه

وارحَم كئِيبًا فيك يقضِي نَحْبَه ... أسفًا عليك وما انقضتْ أوطارُه

لا يستفِيقُ من الغَرامِ وكُلَّمَا ... حَجَبُوك عنهُ تهتَّكتْ (١) أستارُه

اشتَّد بكاؤُه ونحيبُه، وتغيَّر حالُه.

وقال لي مرَّة وقد أنشد هذين البيتين (٢):

يا مَن ألوذُ به فيما أُؤَمِّلُهُ ... ومَن أعوذُ به ممَّا (٣) أُحاذِرُه

لا يَجبُرُ النَّاسُ عظمًا أنتَ كاسِرُه ... ولا يَهِيضُون عظمًا أنت جابِرُهُ

لا ينبغي أن يُقال هذا إلا لله، ولا ينبغي أن يقال لمخلوقٍ. وكان يُنشدُهما ويُرَدِّدُهما مرارًا، وقال: ربَّما دعوتُ في السجود بهما دعاءً لا إنشادًا.

وأُنشِدَ مرَّةً عنده من شعر يحيى قولُه في نونيَّتِه (٤):


(١) ع: "تهتك".
(٢) البيتان للمتنبي في "ديوانه" (٢/ ٢٢٥) بشرح البرقوقي.
(٣) ع: "بما" خطأ.
(٤) هي قصيدة طويلة للصرصري (ت ٦٥٦) في ٨٥٢ بيتا بعنوان "الروضة الناضرة في أخلاق مصطفى الباهرة"، نُشِرتْ ضمن "أربعة شعراء عباسيون" (ط. دار الغرب الإسلامي بيروت سنة ١٩٩٤ م) ص ٦٨ - ١١٧. وقد شرحها محمد بن أيوب التادفي (ت ٧٠٥) في "الدرر الفاخرة" (مخطوط في باريس برقم ١٩٦٥)، والسفّاريني (ت ١١٨٨) في "معارج الأنوار في سيرة النبي المختار" كما في "سلك الدرر" (٤/ ٣١) و"فهرس الفهارس" (٢/ ١٠٠٣).