للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخبرهم أن من بطَّأ به فرسُه وعملُه لم يُسرِعْ به نسبُه وماله وولده (١)، فقال: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: ٣٧].

وسمع قارئًا يقرأ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]، فقال: كما تَفسُدُ السموات والأرض لو كان فيهما إلهانِ، فكذلك يَفسدُ القلب إذا كان له معبودان يَأْلَهُهُما (٢) ويعبدهما، فكيف بقلبٍ فيه من كل هوًى إلهٌ معبودٌ! {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} [الفرقان: ٤٣].

كيف يكون حال هذا العبد إذا سمع النداء يوم الحشر: لِيتْبَعْ كلُّ أحدٍ ما كان يعبده. فرأى آلهته ومَن كان يعبده مع الله سائرةً مع جملة الآلهة إلى الجحيم (٣)، وهو لا يستطيع التخلُّف عنها!

وكما أنه لا صلاحَ للعالم العُلويِّ والسُّفليِّ ولا بقاءَ إلا بكون إلهه


(١) كما أخرج مسلم (٢٦٩٩) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "ومن بَطَّأ به عملُه لم يُسرِعْ به نسبُه".
(٢) غيّرها في الطبعة الجديدة إلى "يؤلّهما". والمثبت كما في النسخة، و"يأله" بمعنى يعبد، ومنه "المألوه" الآتي بعد أسطر.
(٣) أخرج مسلم (١٨٣) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "إذا كان يوم القيامة أذَّن مؤذِّن ليتبعْ كلُّ أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحدٌ كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلَّا يتساقطون في النار".