للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخَفِيَ على أهل الجمع السَّابقُ من المسبوق، حتَّى إذا انجلى الغُبارُ، ووقفَت خيلُ السِّباق، ومَدَّتِ الخلائقُ أعناقَها ينظرون مَن سبقَ ومَن صلَّى (١) بعده، نادى المنادي: لَيعلَمنَّ أهلُ الجمع اليوم مَن السَّابقُون.

فإذا هم رجالٌ كانوا في الدنيا {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: ٣٧]، {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: ١٣٤ - ١٣٥].

قيل لهم: اقتحِمُوا حلبةَ السباق، فإنما هي أنفاسٌ معدودةٌ آخرُها يوم التَّلاق، ويُسْعِد (٢) الله بسَبْقِه مَن شاء من خلقِهِ.

وقيل لهم: لا جَلَبَ ولا جَنَبَ إلا في هذا الرِّهانِ، فمن استطاع منكم الجَلَبَ والجَنَبَ فليفعلْ، ولْيستعِنْ على السَّبقِ بما أمكَنَهُ.

وجُعِل جزاؤهم بالسَّبق إلى الطَّاعات سَبْقَهم عند القدوم عليه إلى الجنَّات، فقال: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة: ١٠]، فالسَّابقون في الدنيا إلى الخيرات هم السَّابقون في الآخرة إلى الدرجات.


(١) غيَّرها في الطبعة الجديدة إلى "وَصل"، وهو تحريف يدلُّ على أن المحقق لا يعرف معنى المصلِّي في ميدان السباق.
(٢) تحرف في الطبعة الجديدة إلى "ويعد"، وهو على الصواب في النسخة.