للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفرِّدون (١).

ووقف أصحابُ العيون الرَّمِدَة والأبصار التي عليها غِشاوةٌ عندَ ما عاينوه من هذه الشهوات وباشروه منها، وقالوا: لا نبيعُ نقدًا بنسيئةٍ، ولا عاجلًا محقَّقًا بآجل مظنونٍ. فهؤلاء الذين حِيلَ بينهم وبين ما يشتهون، وتنقلب مآرِبُهم العَذْبة في الشباب عذابًا في المشيب.

مآرِبُ كانت في الشَّباب لأهلها ... عِذابًا فصارتْ في المشيبِ عَذابَا (٢)

وسمع قارئًا يقرأ: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: ٢١]، فقال: نصبَ لهم ميدان السِّباق، وأعطى كلًّا منهم مركوبًا يليق به، وجعل الجنَّة غايةَ السِّباق، ثم سابَقَ بينهم وبذلَ الجُعْلَ من عندِه، وأقامَ ملائكتهُ على جنبتَيِ الميدان يُثَبِّتُونَ السَّابق ويُحَرِّضون المسبوق على اللَّحاق. فثارت الغَبرةُ في الميدان،


(١) كما في حديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم (٢٦٧٦).
(٢) البيت بلا نسبة في "طريق الهجرتين" (١/ ١١٩) و"الفوائد" (ص ٦١) و"روضة المحبين" (ص ٦٤٦) و"الداء والدواء" (ص ٤٠٤، ٥٤٨).