للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فإنه حذف فاعل التزيين ولم يذكر مَن هو الذي زيَّن، فيجوز أن يكون الذي زيَّنها لهم هو الشيطانُ، لقوله تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ٤٣]، وهو القائل: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: ٣٩]، وفي أثرٍ مرويٍّ: "بُعِثتُ داعيًا ومُبيِّنًا، وليس إليَّ من الهداية شيء، وبُعِث إبليسُ مُغوِيًا ومزيِّنًا، وليس إليه من الضلالةِ شيءٌ" (١). ولا ينافي نسبةُ التزيين إلى الشيطان نسبتَه إلى ربِّ كل شيء ومليكه، فإنه منسوبٌ إليه خَلقًا وقضاءً وقدرًا، كما قال: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [الأنعام: ١٠٨]، وإلى الشيطان فعلًا ومباشرةً.

وسمع قارئًا يقرأ: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: ٣٤ - ٣٦]، فقال: ابتلى الله عبدَه المؤمن في هذه الدار بعدوَّينِ، وهما شياطينُ الإنس والجنِّ، فلابُدَّ لكلِّ نبيٍّ ولكلِّ


(١) أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" (٢/ ٨)، وابن حبان في "المجروحين" (١/ ٢٨١)، وابن عدي في "الكامل" (٣/ ٤٧١، ٤٧٢) من حديث عمر بن الخطاب. وهو حديث ضعيف جدًّا بل موضوع، انظر "تنزيه الشريعة" (١/ ٣١٥)، و"الضعيفة" للألباني (٢٢٤٩).