للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاستعداد الذي خصَّ به رسلَه لم يُعطِه غيرَهم.

والذي خصَّ به أولي العزم منهم لم يكن لغيرهم.

والذي خصَّ به الخليلين منهم لم يُعطِه لغيرِهما.

والذي خَصَّ به محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من بينهم لم يُشْرِكه فيه غيرَه.

وسائرَ عباده يُعِدُّ على مراتبهم من هذا الاستعداد على حسب ما أعطاهم منه.

ثم أهل الاستعداد أيضًا قسمان:

قسمٌ أعدَّهم ثم أمدَّهم، فحصل لهم من الكمال بحسب إعداده وإمداده.

وقسم أعدَّهم ثم لم يُمِدَّهم، ففاتهم الكمالُ لتخلُّفِ إمداده عنهم.

فلله كم من أرضٍ بُورٍ قابلةٍ لأنواعِ الزرع والثمر ولا زرعَ فيها ولا ثمرَ، لانقطاع إمداد الغيث عنها، فإذا شئتَ رأيته ذكيًّا فهِمًا شَهْمًا قويًّا صبورًا وليس عنده شيء من العلم والإيمان، لأنه تعالى أعدَّه وما أمدَّه.

وإذا تأملتَ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل مبعثه رأيتَ ما فيهم من كمال الاستعداد والقبول، كالأرض الزَّكيَّة القابلة لأنواع النبات ولكن لا نباتَ فيها، لأنها لم تُمَدُّ بالغيث، فأمدَّها الله تعالى برسوله - صلى الله عليه وسلم - وما أنزل عليه من الكتاب والحكمة، فشرِبتْه (١) قلوبُهُم أعطشَ ما كانت إليه، فاهتزَّت ورَبَتْ وأنبتتْ من كل زوجٍ بهيج.


(١) في النسخة: "فشرفته".