للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمقصودُ: أنَّ الشرك والكُفرَ والنِّفاقَ والفُسوقَ والعصيانَ كلَّهُ خيانةٌ، والتوحيدَ والإسلامَ والإيمانَ والبِرَّ والتَّقوى كلَّه أمانةٌ، قال الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٧٢ - ٧٣]، فقَسَّمَهُم في حَمْلِ الأمانةِ قسمَينِ: أهلَ الخيانةِ الذين يستحقُّون العذابَ، وأهلَ الأمانةِ الذين لهم الثوابُ. وغايةُ أهل الأمانةِ: التوبةُ. وغايةُ أهل الخيانة: النفاقُ والشِّركُ.

وسمع قارئًا يقرأ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٦) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: ١٠٥ - ١٠٧]، فقال: هاتان الآيتانِ أعظمُ ميزانٍ يُوزَنُ به أهلُ الحقِّ من أهلِ الباطل، وأعوانُ هؤلاء وأعوانُ هؤلاء. وصلاحُ الأمة بل صلاح الوجود في العمل بموجِبِهما (١)، وفسادُ الوجود من مخالفتهما وتعطيلهما، فلو تأمَّلتَ كلَّ صلاح في العالم لرأيتَه من إقامة حُكم هاتين الآيتين، ولو تأملت كل شرٍّ في العالمِ لرأيتَه من تعطيل حكمهما.


(١) في النسخة: "بموجبها".