للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحسنَ حالًا بينهم، وأقربَ إلى قلوبهم!

ولو جَرَّدَ لهم رجلٌ متابعةَ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولم يَشُبْها بغيرها، وردَّ كلَّ قولٍ خالفَ ما جاء به ولم يَلْتَفِت إليه، لنسَبُوه إلى البدعة ومخالفةٍ وإساءةِ الأدب على الأئمة، وتعدِّي طورِهم وطورِه هو أيضًا، ورأوا من الأمر بالمعروف إلزامَهُ بتركِ ما عَلِمَه من السنَّةِ لما جَهِلُوه منها، وأن يَتْرُكَ ما عَلِمَ أنَّ الرسول جاء به لِمَا قالَه فلانٌ وفلانٌ.

فتجريدُ التوحيد عندَهم تنقُّصٌ، وتجريدُ المتابعةِ عندهم بدعةٌ، والله المستعانُ وعليه التُكلان، ولا حولَ ولا قوَّة إلا بالله.

فما أجدَرَ هؤلاء بالخيانة وأن يكونوا خُصَماءَ للخائنينَ، ومجادلِينَ عن الخائِنينَ!

وكم بيَّتُوا ويُبَيِّتُون لأهل التوحيد والمتابعة ما لا يرضاه الله من القولِ، والله بما يعملون محيطٌ، ولله القائلُ:

نَحنُ وإيَّاكُمُ نموتُ ولا ... أفلَحَ عِندَ الحساب مَن نَدِمَا (١)

وسمع قارئًا يقرأ: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} [الملك: ٢٠ - ٢١]، فقال: هاتان الآيتان من أعظمِ كنوز القرآن، فهما كَنزان


(١) البيت بلا نسبة في "الصواعق المرسلة" (٣/ ٩٤٩) و"الرسالة التبوكية" (ص ٢٢). وأنشده المأمون ونسبه إلى شاعر الشيعة في "المحاسن والمساوئ" للبيهقي (ص ٦٨).