للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له صبرٌ وثباتٌ ويعلمُ أنه لا يُقاوِمُه، فإذا ذَكَرَ الله واستعانَ عليه بذكرِه فَرِق الشيطانُ من ظِلِّه، وهذا لا يقومُ له عدوُّهُ. وإذا رآه جبانًا غافلًا عن الله صَفَعَه ورَكِبَهُ:

فإذا رأى الشيطانُ طَلْعَةَ وَجهِهِ ... حَيَّا وقال: فَدَيْتُ مَن لا يفلحُ (١)

فالجبانُ الغافلُ فريسةُ الشيطان، والشيطان فريسةُ الثَّابِت الذَّاكرِ، وله فيمن هو بينَ بينَ مُنازلاتٌ ومُصاوَلاتٌ، وهنالك الزَّلازلُ والبَلابِلُ والمِحَنُ!

وأيضًا فالمُحِبُّون يَفْتَخِرُون بذكر من يُحِبُّونَهُ في شدَّة المخاوفِ والتقاءِ الصفوفِ، كما قال الحماسيُّ:

ذَكَرْتُكِ وَالخَطِّيُّ يَخْطِرُ بَيْنَنَا ... وقد نَهِلَتْ مِنَّا المُثَقَّفَةُ السُّمْرُ (٢)

قال غيرُهُ (٣):

ولقد ذَكَرْتُكِ والرِّمَاحُ كأنَّها ... أشْطَانُ بِئرٍ في لَبَانِ الأَدْهَم


(١) البيت للبحتري في "ديوانه" (١/ ٤٨٢) و"تاريخ دمشق" (٦٣/ ٢٠٢)، وفيهما: "لم يفلح" مكسورة القافية مع بيتين آخرين. والبيت كما هنا في "العقد الفريد" (٣/ ١٨٥) و"التمثيل والمحاضرة" (٣٢٦) و"المدهش" (ص ٣٤٤).
(٢) البيت لأبي عطاء السندي في "الحماسة" (١/ ٦٦)، و"الزهرة" (١/ ٢٠٠)، و"شرح شواهد المغني" (٢/ ٨٤٠) وغيرها.
(٣) هو عنترة، والبيت من معلقته، انظر "ديوانه" (ص ٢١٦). وأوله: "يدعون عنترَ".