للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرزقُ التوحيد والعلم والسنَّةِ والفهم عن الله ورسوله، ورزقُ الإقبال على الله تعالى والإنابةِ إليه والثقةِ به والتوكُّلِ عليه هو الرزق النافعُ ولو مصَّ صاحبُه النَّوى.

ونصرتُهُ على الجهلِ والبدع، وعلى نفسِهِ وشيطانه، وما يَدْعُونَ إليه، هو النصرُ الحقيقيُّ وإن كانت الحربُ بينَه وبينهما سِجالًا، فما دام مُهاجرًا إلى الله ورسوله فهو منصورٌ وإن أُدِيلَ عليه عدوُّهُ، فحزبُ الله هم المفلحون، وجندُه هم الغالبون.

وسمع قارئًا يقرأ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: ٤٥]، فقال: أرشد حزبَه عندَ لقاء العدو إلى شيئين، بهما يحصُلُ لهم كمالُ النُّصرة، وإن فاتا فاتَتِ النُّصرة، وإن فاتَ أحدهُما فات من النُّصرة بقدر ما فاتَ منهما.

فما أُدِيلَ العدوُّ على من ثبتَ وأكثَرَ من ذكر الله أبدًا، ولا انتصرَ من غَفَلَ عن ذكر الله ولم يثبُت لعدوِّه أبدًا، فالثَّباتُ يُلقِي الرُّعبَ في قلوب أعدائهم، وبكثرة ذكره يكونُ معهم، فإنَّ الله مع مَن ذَكرَهُ، ومَن كان الله معه لم يُغلَبْ غلَبَةً مُستَقِرَّةً.

وأرشدهم إلى الثبات بذِكْرِه، فإنَّ ذكرَه يطرُدُ الشيطانَ الذي يخوِّفُهم ويُخنسهم (١) ويحملُهم على الفرار. وأيضًا فالشيطانُ يَفِرُّ ممن


(١) في النسخة: "ويحسنهم"، ولا يناسب السياق. ويخنسهم أي يُخلِّفهم ويمضي عنهم ويؤخِّرهم.