للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأمَّا قول القائل: "السماع على قسمين: سماع بشرط العلم والصحو، فشرط صاحبه معرفة الأسماء والصفات، وإلا وقع في الكفر" إلى آخره، فمراده بالأسماء والصفات أسماء الرب تعالى وصفاته، فإذا كان المسموع هو الأبيات الشعرية التي يذكر فيها أسماء المخلوقين وصفاتهم ومحاسنهم، وأنتم تأخذون مقصودكم منها بطريق الإشارة والاعتبار، فهذا مع ما فيه من الخطر العظيم المُوقِف لصاحبه على شفا جُرُفٍ هارٍ، يحتاج أن يفرِّق بين ما (١) يوصف به الرب تعالى وبين ما لا يوصف به، لئلا يُنزِّل ما يسمعه من صفات المخلوقين ونعوتهم على صفاته تعالى، فيقع في الفتنة والكفر.

هذا إذا كان صاحبه صاحيًا يعلم ما يقول المغنّي، فإذا كان غيرَ راسخ في معرفة ما يوصف الله به وما لا يوصف به، وأسكره السماع، ونزَّل ما يسمعه من المغنّي على أسماء ربّه (٢) وصفاتِه، فقد تعرّض من ربه تبارك وتعالى لغاية المقْتِ والطرد والبعد عنه، ولا يَسلَم من فتنة وكفر، وأحسن أحواله أن يكون صادقًا جاهلًا، فينجو بصدقه ويُرحَم لجهله (٣)، وأمّا أن يكون من خواص أولياء الله وسادات العارفين به


(١) ع: "بينهما" خطأ.
(٢) ع: "أسمائه".
(٣) ع: "بجهله".