للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما قوله: "السماع نداء والوجد قصد" فهذا الكلام (١) مطلق مجمل، فإنَّ المستمع يناديه ما يسمعه بحقٍّ تارةً وبباطلٍ أخرى، والواجد قاصدٌ مجيبٌ للمنادي الذي قد يدعو إلى حق، وقد يدعو إلى باطل، فإنَّ الواجد يجد في نفسه إرادةً وقصدًا للإجابة لمن ناداه، إلى (٢) ما تدعوه نفسه إليه، فأهل الوجد والقصد الصحيح قالوا: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (١٩٣) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: ١٩٣ - ١٩٤]. أجابوا مناديَ الإيمان إذ نادى بهم: حيَّ على الفلاح، وواصلوا السيرَ إليه مع الدليل بالغُدوِّ والرَّواح، وفَنُوا بمراده عن مرادهم، فبذلوا أنفسَهم في مرضاته بَذْلَ المحبِّ بالرضا والسماح، وسيَحْمدون عند اللقاء مَسْرَاهم، فإنما يَحمَدُ القومُ السُّرَى عند الصباح (٣).


(١) ع: "كلام".
(٢) في الأصل: "إلا".
(٣) سبقت الإشارة إلى أنه مثل في أول الكتاب.