للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأهل الغناء ناداهم (١) منادي الشيطان: حيَّ على رُقيةِ الزنا ورائدِ الفسوق والعصيان، فأجابوه بلبَّيكَ داعيَ الشهوات وسَمْسَارَ اللذات! ها نحن لدعوتك مستجيبون، وفي مرضاتك مسارعون، نحن قوم ندورُ حولَ قُطبِ رَحَا الطيبات، ونقطع هذه الأوقات بما يناسب الأوقات، إذا أبدَتْ [١٣٨ ب] لنا الطيباتُ ناجذَها طِرْنا إليها زَرافاتٍ ووُحدانًا (٢)،

فإذا لاح لنا وجهُ الشاهد انقادت له قلوبنا محبةً وإذعانًا، فما لنا ولثقيل الدم كثيف الطباع؟ يأمر بالاشتغال بالتلاوة والتسبيح وأوراد العبادة، وينهانا عن السماع، كأنه ما سمع قول شاعرنا:

يا عاذلي أنتَ تنهاني وتأمرُني ... والوجدُ أصدقُ نَهَّاءٍ وأَمَّارِ

وإن (٣) أُطِعْكَ وأَعْصِ الوجدَ رُحْتُ عَمًى ... عن اليقينِ إلى أوهامِ أخبارِ (٤)

ولا قول من تقدمه:

خُذْ ما تراه ودَعْ شيئًا سمعتَ به ... في طلعةِ البدر ما يُغْنيكَ عن زُحَلِ (٥)


(١) ع: "نادى".
(٢) نظر المؤلف إلى البيت المشهور لقُريط بن أُنَيف:
قومٌ إذا الشرُّ أبدَى ناجذَيْه لهم ... طاروا إليه زرافاتٍ ووحدانَا

انظر حماسة أبي تمام (١/ ٥٨).
(٣) ع: "فإن".
(٤) البيتان للعفيف التلمساني كما في "مجموع الفتاوى" (٢/ ٢٥٩، ٤٧٣) و"الجواب الصحيح" (٤/ ٣٩٨) و"نقض التأسيس" (٢/ ٥٣٩).
(٥) البيت للمتنبي في ديوانه (٣/ ٢٠٥). وقد سبق الشطر الأول منه.