للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنَّ الهيئة الاجتماعية لها من الحكم ما ليس لأَفرادها. وفصَّلتْ طائفة ثالثة (١)، وقالوا: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتمعوا أمروا واحدًا منهم يقرأ والباقون يستمعون، فلم يكونوا يقرأون جملةً، ولم يكونوا يُدِيرون القراءة، بل القارئ واحد، والباقون مستمعون (٢)، ولا ريب أنَّ هذا أكمل الأمور الثلاثة، والله أعلم (٣).

فصل

وأما قول أبي الحسين النوري: "الصوفي من سمع السماعَ وآثر الأسباب"، فهذا أيضًا من جنس ما قبله، فلا يُعتمد عليه. ولعل النوري إنما أراد به (٤) الصوفي [١٤٠ ب] المذموم لابسَ ثوبَي الزور (٥)، فإنه جمع بين إيثار السماع الذي يدل على البطالة وضعف الإرادة والعبادة، وآثر (٦) الأسباب التي تُضعِف توكُّلَه واعتماده على المسبب، فضعف من قلبه سلطانُ "إياك نعبد" بإيثار السماع والبطالة، وسلطانُ "إياك نستعين" بإيثار الأسباب وضعفِ التوكل. وإلا فالنوري أجلُّ من أن يجعل هذا شرطًا في الصوفي المحقق.


(١) "ثالثة" ليست في الأصل.
(٢) ع: "يستمعون".
(٣) في ع بعدها: "وأحكم".
(٤) "الصوفي ... أراد به" ساقطة من ع.
(٥) بعدها في ع: "إلى آخر كلامه".
(٦) كذا في النسختين، والأولى: "وإيثار" عطفًا على ما سبق.