الفَائِدةُ السَّابِعة: أن هؤلاءِ المشْرِكينَ لا يجِدُون من يمْنَعُهم مِنْ عذابِ اللَّه، لقولِهِ:{وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} فلا أحدَ يمْنعُهم مِن عذابِ اللَّه يوم القيامةِ.
الفَائِدةُ الثَّامِنة: أن المتَّقِينَ تبْقَى مودَّتهم يومَ القِيامةِ، فهذهِ الفَائِدةُ ربما تُؤخَذُ مِنَ الآية بما يُسمَّى قياسُ العَكسِ، وقياسُ العكسِ أثْبتَهُ الرسولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله:"وَفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ"، يعني الإنسانَ إذا جامعَ زوْجتَهُ فهو صَدَقَةٌ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ أيأْتِي أحَدُنا شَهوتَه ويكونُ له فِيهَا أجْرٌ؟ قال:"أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ"(١)، الجوابُ: نعم، يكونُ عليه وِزْرٌ، فكذَلكَ إذا وَضعَها في الحلالِ كانَ له أجْرٌ.
هذا يُسَمَّى قياسُ العَكسِ، فمِنَ الممكنِ أن نقول: إذا كانَ هؤلاءِ المشركونَ يتبَرَّأُ بعضهم من بَعضٍ يوم القيامة ويلْعَنُ بَعضُهم بَعضًا، فالمتَّقُون الموحدُّون المخلِصُون على عكسِ ذلك، ومُرادِي هل يؤخذُ هذا الحُكم مِن هذه الآية، ولست أُريدُ إثباتَ الحكمِ نَفْسِهِ، فإن الحُكمَ ثابتٌ في آيةٍ أُخْرى، وهي قوله تعالى:{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}[الزخرف: ٦٧].
* * *
(١) أخرجه مسلم: كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، رقم الحديث (١٠٠٦).