للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٥)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: ٤٥].

* * *

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {اتْلُ} فِعْلُ أمرٍ مَبْنِيٌّ على حَذفِ حرفِ العلَّةِ، أصله: تَلا يَتْلُو. والقاعدةُ: أن فِعلَ الأمرِ هو فعلٌ مضارعٌ مجْزُومٌ حُذِفَ منه حرفُ المضارَعَةِ، فإذا أردت أن تَصوغَ الأمرُ من (خاف) تقول: (خِفْ)، ومثله (نامَ) الأمر منه: (نَمْ) لأن مضارِعَه المجزوم (لم يَنَمْ)، وهكذا.

وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {اتْلُ} يتَضَمَّنُ التلاوةَ اللَّفْظِيَّةَ، والتلاوة الحُكمِيَّةَ، أما التلاوة اللَّفظية فهي أن تَقْرَأَ القرآنَ، والتلاوةُ الحُكمِيَّةُ أن تأخُذَ بأحكامِهِ وهي تلاوة الاتِّباعِ، مأخوذةٌ من قولهم: تَلا فلانٌ فلانًا، أي: تَبِعَه، قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: ١٢١].

وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {اتْلُ} الخطابُ للرَّسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس مُوَجَّهًا لكل من يَصِحُّ خِطَابُه؛ لأنه قال: {مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ} فهو خاصٌّ بالرسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن غيرَهُ لم يُوحَ إليه، ومع ذلك فالخِطابُ للرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خطابٌ له وللأُمَّةِ، بدليلِ قوله عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: ٢١]،

<<  <   >  >>