قوله عَزَّ وَجَلَّ:{اتْلُ} فِعْلُ أمرٍ مَبْنِيٌّ على حَذفِ حرفِ العلَّةِ، أصله: تَلا يَتْلُو. والقاعدةُ: أن فِعلَ الأمرِ هو فعلٌ مضارعٌ مجْزُومٌ حُذِفَ منه حرفُ المضارَعَةِ، فإذا أردت أن تَصوغَ الأمرُ من (خاف) تقول: (خِفْ)، ومثله (نامَ) الأمر منه: (نَمْ) لأن مضارِعَه المجزوم (لم يَنَمْ)، وهكذا.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ:{اتْلُ} يتَضَمَّنُ التلاوةَ اللَّفْظِيَّةَ، والتلاوة الحُكمِيَّةَ، أما التلاوة اللَّفظية فهي أن تَقْرَأَ القرآنَ، والتلاوةُ الحُكمِيَّةُ أن تأخُذَ بأحكامِهِ وهي تلاوة الاتِّباعِ، مأخوذةٌ من قولهم: تَلا فلانٌ فلانًا، أي: تَبِعَه، قال تعالى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ}[البقرة: ١٢١].
وقوله عَزَّ وَجَلَّ:{اتْلُ} الخطابُ للرَّسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس مُوَجَّهًا لكل من يَصِحُّ خِطَابُه؛ لأنه قال:{مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ} فهو خاصٌّ بالرسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن غيرَهُ لم يُوحَ إليه، ومع ذلك فالخِطابُ للرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خطابٌ له وللأُمَّةِ، بدليلِ قوله عَزَّ وَجَلَّ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}[الأحزاب: ٢١]،