للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا هو مَعنَى الآية الكريمة، يعني: أن اللَّهَ وعَدَهم بأمْرين: بِتَكْفيرِ السَّيِّئات بالأعمالِ الصالحةِ، وبالجزاءِ على هذه الأعمالِ أحسنَ جزاءٍ يُعطَوْنه، وذلك أن تكونَ الحسنَةُ بعَشْرَةِ أمثالها إلى سَبعِمِائةِ ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرة.

وقوله: [{أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} وهُوَ: الصَّالحِاتُ]: فهذه الأعمالُ الصالحةُ التي يَعْملُونَها يجَازِيهِمْ اللَّهُ عَليها أحسنَ جَزاءٍ يُجَازَونَ بِهِ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدةُ الأُولَى: فضيلَةُ الإيمانِ والعَملِ الصَّالحِ.

الفَائِدةُ الثَّانِية: أنه تُكَفَّرُ بهما السيِّئاتُ، والمراد بالسيِّئاتِ: الصَّغائرُ، لقولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَات مَا بَينَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ" (١)، أما الكبائرُ فلا تَدخلُ هنا لأنها لا تُكفَّر بعملِ الصالحاتِ.

الفَائِدةُ الثَّالِثة: أن جَزاءَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أفضلُ من عَملِ المؤمِنِ وأحسنُ، لقَولِهِ: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

الفَائِدةُ الرَّابِعة: أنه لا بُدَّ في العملِ من أن يكونَ صَالحًا، والصالحُ كما تقدَّم هو ما جمعَ شَرْطين: الإخلاصَ للَّه عَزَّ وَجَلَّ، والمتابعةَ للرَّسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا لم يكنْ مُخْلَصًا فهو فاسِدٌ، وإذا لم يكن على وَجهِ الشَّريعةِ فهو أيضًا فاسدٌ، قال النَّبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" (٢).

لو قال قَائلٌ: هل يُشْتَرطُ للإخلاصِ والمتابعةِ التَّصديقُ؟


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم (١٧١٨).

<<  <   >  >>