للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا وُجدت قرينةٌ عَمِلْنا بهذه القَرينَةِ، وإلَّا فالأصلُ أنها صِفَةٌ من صفاتِ اللَّهِ.

فعلى هذا يكون معنى الآية: يَئسوا من أن أَرْحمَهُم، وإذا لم يرحْمُهم اللَّهِ لم يَدْخُلوا الجنة، وهذا هو المعنى الصَّحِيحُ للآية، وما ذَكَرَهُ المُفَسِّر فهو محتَمَلٌ، فلا نُنكرُ عليه إنكارًا شديدًا؛ لأن الرَّحمةَ كما تُطْلَقُ على الصِّفَةِ تُطلقُ على موطنِ الرَّحْمَةِ.

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} هاتان جملْتانِ كُبرى وصُغرى أيضًا: {وَأُولَئِكَ} مبتدأٌ {لَهُمْ عَذَابٌ} مبتَدأٌ وخَبرٌ، والجملةُ خَبرٌ، كلُّ هذا لكمالِ التَّهْديدِ لهم، فهم حُرِموا من الخيرِ ووَقَعُوا في الشَرِّ؛ ولهذا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} مُؤْلِمٌ]، والعَذابُ مَعناه العُقوبةُ، يعني: لهم عُقوبة أليمةٌ، أي: شَديدَةٌ مؤلمَةٌ والعياذُ باللَّه، وذلك في النارِ، ولا حاجَة إلى شَرح ما في هذه النَّارِ من العَذابِ لأنه معلومٌ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدةُ الأُولَى: أن الكفَّار لا يدْخلونَ الجنَّة؛ لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي}.

الفَائِدةُ الثَّانِية: إثباتُ الآياتِ الكونِيَّةِ والشرْعِيَّةِ للَّه عَزَّ وَجَلَّ؛ لقوله: {بِآيَاتِ اللَّهِ}.

الفَائِدةُ الثَّالِثَةُ: رحمةُ اللَّهِ تعالى بالعِبادِ؛ حيثُ أظهرَ لهم مِنَ الآياتِ ما يؤمنون على مِثْلِهِ، فمن نِعْمة اللَّه تعالى أن يُرِيَ عبادَه مِن آياتِه ما يؤمنونَ على مِثْلِهِ، ولهذا كلَّما ظَهَرَ للإنسانِ مِنْ آياتِ اللَّهِ شيءٌ كانت نِعمَةُ اللَّهِ عليه أكبرُ وأشدُّ في رُسوخ إيمانِهِ.

<<  <   >  >>