فإنَّ ترَدُّدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا لخفاءِ الأمْرِ عليه، ولكن لأَنَّهُ يَكْرَهُ أن يَسُوءَ عَبْدَهُ، فيتَرَدَّدُ لا لشكٍّ في الأمر واستظهارٍ للواقِعِ، ولكن لأجلِ أن الأمرَ يتَعَلَّقَ بغيرِهِ، فهذا لا يُعْتَبرُ نَقْصًا بل كَمَالًا؛ لأنه يدُلُّ على رحمةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وبهَذَا يَزُولُ الإشكالُ.
الفَائِدةُ الأُولَى: الإرشادُ إلى النَّظَرِ في مخلوقاتِ اللَّه، فإن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول:{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا}؛ لأجلِ أن نَتَفَكَّرَ في هذه الدَّوابِ التي لا تَحْمِلُ رِزْقَها.
الفَائِدةُ الثَّانِية: إثباتُ عدةِ صِفَاتٍ من صفاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، منها كمالُ القُدْرةِ؛ حيث يخْلُق هذه الدَّوابَّ الصَّغيرةَ التي لا تحْمِلُ رِزْقها، ويخلُقُ الدَّوابَّ العظيمة التي تَكْتَسِبُ الرِّزْقَ.
الفَائِدةُ الثَّالِثة: إثباتُ صِفَةِ القُدرةِ للَّه عَزَّ وَجَلَّ، وإثباتُ عِلْمِهِ ورحْمَتِهِ وإحاطَتِهِ بكُلِّ شيءٍ؛ لأن هذه الدوابَّ الصغيرةَ الي لا تحْمِلُ رِزْقَهَا يعْلمُها ويَرْزُقها, لقولِهِ:{اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
الفَائِدةُ الرَّابِعة: إثباتُ اسْمَي السَّميعِ والعَليمِ وما يتَضَمَنَاهُ مِنَ الصِّفَةِ.