للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَلْبِ الخيرِ ودَفْعِ الشَّرِّ، والنَّصِيرُ هو الذي يَدفَعُ عنكَ فقط، قد لا يكونُ من أَوْلِيائِك لكن يدْفَعُ عنك في الحالِ المعَيَّنة التي تحتاج فيها إلى نَاصِرٍ، والنُّصْرَةُ تكون في دَفعِ المكرُوهِ، فيكون الوَلِيُّ هنا أَعَمُّ.

يعني: لا أحَدَ يتَولَّاكُمْ فيَجْلِبُ لكمُ الخيرَ ويدفعُ عنكم الشرَّ، ولا أحدَ أيضًا ينْصُرُكُم من دُونِ اللَّهِ فيمنعُ عنكم العِقابَ، وهذا أمرٌ واقِعٌ فإنَّ بأس اللَّهِ إذا نزلَ بقومٍ فلا يستَطِيعُ أحدٌ أن يدْفَع عنهم هذا البأسَ، ولا أن يمنْعَهم منه.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدةُ الأُولَى: كَمالُ قُدرةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وأنه لا يُعجِزُه شيءٌ؛ لقوله: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ}.

الفَائِدةُ الثَّانِية: أنه لا مَفَرَّ للمرءِ مِن قَدَرِ اللَّه، سواء كانَ في السماء أم في الأرضِ، لقولِهِ: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}.

لو قال قائل: هل في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} رَدٌّ على القَدَرَّيةِ؟

فالجواب: هذا فيه نَظَرٌ؛ لأن القُدْرَةَ يقولون: إن الإنسانَ مستَقِلٌّ بعَمَلِهِ ولا دَخْلَ لمشِيئَةِ اللَّهِ فيه، لكنهم يقولون: إنَّ اللَّه قادِر على إهْلاكِهِمْ واستِئصالهِمْ إذا خالَفُوا.

الفَائِدةُ الثَّالِثة: ضعفُ البَشَرِ بالنِّسبَةِ إلى الخالق؛ لأن الخطابَ في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {بِمُعْجِزِينَ} للعُمومِ، فالبشرُ مَهما بلَغُوا من القوة فَهُم بالنِّسبة إلى الخالقِ عاجِزُونَ ضُعفاءُ. ولهذا قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت: ١٥]، وقال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ}

<<  <   >  >>