للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٩)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [العنكبوت: ٢٩].

* * *

قوله: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} عبَّر بالإتيانِ كنايَةً عَنِ الجِماعِ؛ لأن القرآنُ يُكَنِّي عَمَّا يُسْتقْبحُ ذِكْره بما يدلُ عليه، وهذا كثيرٌ في اللغة العربية، ومثال آخر مِنَ القرآنِ قال اللَّه تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣]، فكَنَّى عن الجِماعِ بالإتيانِ.

قوله: {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيل} السَّبِيلُ: الطَّريقُ، وقطْعُهم الطريقَ له صِفتانِ:

الصفةُ الأُولى: قَطعُ الطريقِ المعروفِ، وهو أن يتَعَرَّضُوا للناس بالسَّلْبِ والنَّهبِ والقتل، ويسمى عندنَا باللّغَةِ العامية: الحنشَلَة.

الصفةُ الثانية: يَقْطعونَ السَّبِيلَ، أي: يتَسَبَّبونَ لعدمِ سُلوكِ الطُّرقِ بما يفعلونَ بأهْلِهَا؛ ولهذا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [طَرِيقُ المارر بفِعْلِكُم الفَاحِشَة بمن يمُرُّ بِكُمْ، فتَرَكَ النَّاسُ الممَرَّ بِكُمْ].

هاتان خصلتانِ، والخصْلَةُ الثَّالثَةُ: [{وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} نَادِيكُمْ، أي: متَحَدَّثكم]، فالنَّادِي، والمنتدى، والنَدِي، كلُّها أسماء لمكانِ الحديثِ والاجتماعِ بينِ الناسِ.

<<  <   >  >>