الجواب: لأنه نَزَّلَ غيرَ المنكَرِ منْزلِةَ المنْكَرِ؛ لأن ممارسَتَهُم لهذا الفعل يقْتَضي أنهم ينْكِرُونَ كونَه فاحشةً، فحالهُم تقْتَضِي أنهم يستَبِيحُون ذلك ولا يَرَوْنَهُ مُنْكرًا، فكونهم يمارِسونَهُ ولا يبالُونَ بها ويرونَهَا أمْرًا سَائغًا فهُمْ كالمنْكِرينَ لكونِهَا فاحِشَةً، ونظيرُ ذلك قوله تعالى:{ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ}[المؤمنون: ١٥]، فـ (إنَّ) و (اللام) مؤكدَّةٌ للموتِ والموتُ لا شكَّ فيه، لكن أتى بالتوكيدِ مِنْ أجل أن فِعْلَ هؤلاءِ المشركين فِعْلُ المنْكِرِ للموتِ؛ لأن مَنْ أقَرَّ بالموتِ فلا بُدَّ أن يستَعِدَّ لَه، والآية ساقها اللَّه جَلَّ وَعَلَا في ذِكْر ابتداءِ الخلقِ وانتِهائهِ، ولهذا قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون: ١٥ - ١٦].